تلعب جهة الدارالبيضاء-سطات دورا رياديا على الصعيد الوطني كقطب اقتصادي ومالي كبير، حيث تشكل الفضاء الأكثر إنتاجية على الصعيد الوطني. وذلك بفضل توفرها على بنيات تحتية هامة من مناطق صناعية، ومطار دولي يربط المملكة ب100 عاصمة عالمية، ونظام مينائي قوي و بنية طرقية كثيفة وشبكة للسكك الحديدية، وتجهيزات فندقية راقية، إضافة إلى مؤسسات تعليمية وتكوينية وشريط ساحلي جد مهم يقدر بحوالي 360 كلم. كما تشكل الجهة، أهم تجمع سكاني بنسبة 20,3% من إجمالي الساكنة الوطنية، وتستقطب 75% من النشاط الصناعي الوطني. وتغطي 69% من المبادلات التجارية، حيث يحقق ميناء الدارالبيضاء لوحده 47% من المبادلات الخارجية للمملكة مما يفسر حصة الجهة من الناتج الوطني الخام والبالغة 32,4%، كما تعتبر الوجهة السياحية الثالثة وطنيا. بالإضافة إلى ذلك، تعد جهة الدارالبيضاء-سطات الأكثر دينامية على الصعيد الوطني، حيث تتمركز بها أهم الأنشطة الصناعية والخدماتية والتجارية والفلاحية والسياحية، كما تحتضن مقرات أهم الشركات الوطنية والدولية التي تكرس مكانتها كعاصمة اقتصادية للمملكة. وتراهن حاليا على القطب المالي للدارالبيضاء لتعزيز صدارتها الإقليمية والقارية، حيث يضم هذا القطب مقاولات، 70% منها هي شركات دولية ومنفتحة على العالم، تنتمي إلى أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية والشرق الأوسط، إلى جانب إفريقيا وأسيا.
تمت بلورة رؤية لتنمية جهة الدار البيضاء سطات تهدف إلى وضع المواطن في صلب الاهتمامات وجعله محور التنمية. يعد برنامج التنمية الجهوية آلية استراتيجية تروم تنزيل دينامية الجهوية المتقدمة التي تنهجها بلادنا، حيث أصبحت الجهة أكثر من أي وقت مضى، الفاعل الرئيسي في إعداد وتنفيذ إستراتيجية التنمية الجهوية وفقا للقانون التنظيمي 111.14 المتعلق بالجهات ولاسيما المادة 83 منه، وذلك، في إطار تنسيق تام وتكامل فعال مع مختلف الشركاء على الصـعيد الوطني والجهوي والمحلي.
وبما أنه أصبح لزاما على مجلس الجهة إنجاز برنامجه التنموي كإطار مرجعي قانوني، فقد حرص مجلس جهة الدار البيضاء-سطات على تتبع المساطر باحترام تام للمقتضيات الواردة في المرسوم رقم 2.16.299 الصادر في 23 من رمضان 1437 (29 يونيو 2016) والمتعلق بتحديد مسطرة إعداد برنامج التنمية الجهوية وتتبعه وتحيينه وتقييمه وآليات الحوار والتشاور لإعداده، حيث قام مجلس الجهة بالإشراف على منهجية إعداد مشروع برنامج التنمية الجهوية بإنتهاج مقاربة تشاركية. في هذا الإطار تم تنظيم عدة لقاءات للتشاور والإغناء مع مختلف الأطراف (السلطات الإدارية، رؤساء المجالس الإقليمية والجماعية، رؤساء الغرف المهنية، إدارات الدولة، المؤسسات العمومية، ممثلي الأحزاب السياسية والنقابات، القطاع الخاص، الجامعات، الهيآت الاستشارية لمجلس الجهة، جمعيات المجتمع المدني ورجال الصحافة والإعلام).
كما نظمت في ذات السياق، 9 ملتقيات على صعيد العمالات والأقاليم التابعة للجهة بحضور السيد والي الجهة والسيد رئيس مجلس الجهة والسيدات والسادة عمال العمالات والأقاليم بالجهة، ومختلف الأطراف، حيث عرفت هذه الملتقيات حضور ما يزيد عن 800 مشارك، تلتها لقاءات أخرى شارك فيها ما يزيد عن 200 مشارك من ممثلي مختلف القطاعات العمومية، وما يزيد عن 80 مشارك خلال أوراش تحديد رؤية تنمية الجهة، وأكثر من 300 مشارك خلال الأوراش الموضوعاتية، وما يناهز 50 ممثل للمجتمع المدني، تفاعلوا خلال تقديم الرؤية التنموية للجهة، بالإضافة إلى أكثر من 300 منتخب بالجهة ساهموا في إغناء عملية إنجاز برنامج التنمية الجهوية.
كما أبرزت الترجمة المجالية أقطابا وظيفية تمكن من تعزيز التظافر بين مختلف مناطق الجهة من أجل تحقيق رؤية التنمية الجهوية.
ولهذا، فإن تجمع الأقطاب الوظيفية الذي يشكل مناطق ذات رؤى وتوجهات اقتصادية منسجمة، يمكن من خلق كثل ديموغرافية تسمح بإنشاء مشاريع ذات تأثيرات مهمة.
كما ساعد هذا العمل المنجز على تزويد جهة الدار البيضاء-سطات بتشخيص ترابي شامل يسمح بتحديد مقومات وإكراهات التنمية بمختلف مناطق الجهة، مع تحليل كل القطاعات الاقتصادية (الفلاحة، الصيد البحري، الصناعة،...)، والبنيات الأساسية والخدمات الاجتماعية (التعليم، الصحة، السكن...)، في إطار منظور عالمي ووطني وجهوي. كما مكنت هذه الدراسة كذلك من جرد المشاريع قيد الانجاز أو المبرمجة من طرف الوزارات والمديريات الجهوية والمؤسسات العمومية وأيضا الأقاليم والعمالات التي تشكل الجهة.
وقد صادق المجلس، على هذا البرنامج خلال دورته العادية لشهر مارس المنعقدة بإقليم بنسليمان بتاريخ 6 مارس 2017 بإجماع أعضائه، وصدر في ذلك مقرر تحت عدد 1/17. وبعد مصادقة وزارة الداخلية في شهر أبريل 2018، أعتبر برنامج التنمية الجهوية وثيقة تدبيرية أساسية، تضمنت أولويات التنمية بالجهة واعتمدت على التوجهات الاستراتيجية للسياسيات العمومية على صعيد الجهة، وأخذت بعين الاعتبار، البعد البيئي من أجل ضمان التنمية المستدامة، في إطار الموارد المالية المتوفرة والمتاحة للجهة والالتزامات المتفق بشأنها بين الجهة وشركائها. وللإشارة، فقد أخذ برنامج التنمية الجهوية بعين الاعتبار إلتزامات الجهات الثلاث السابقة (جهة الدار البيضاء الكبرى، جهة الشاوية ورديغة وجهة عبدة دكالة).